من فوائد الحديث:
1- جَوَاز الْكَذِب فِي الْحَرْب وَنَحْوهَا, وَفِي إِنْقَاذ النَّفْس مِن الْهَلَاك, سَوَاء نَفْسه أَوْ نَفْس غَيْره مِمَّنْ لَهُ حُرْمَة.
2- أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن يغمس المسلم في صف الكفار وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين. وهذه تختلف عن ما يسمى اليوم بالعمليات الاستشهادية، والتي اختلف فيها العلماء المعاصرون، بين المنع منها، وجوازها إذا كان فيها مصلحة عامة للمسلمين، والله أعلم بالصواب.
3- شدة عداوة الكفار للمؤمنين، والسعي في صدهم عن دينهم، فإن الناس لما آمنوا فتنهم الكفار حتى يرجعوا عن دينهم.
4- عزة المؤمنين، وثباتهم على دينهم، وصبرهم على الابتلاء، وقد أثنى الله عليهم، وخلد ذكرهم في سورة البروج، قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {والسماء ذات البروج* واليوم الموعود* وشاهد ومشهود* قتل أصحاب الأخدود* النار ذات الوقود* إذ هم عليها قعود* وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود* وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد* الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد* إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق}(1).
5- لزوم العناية بالأطفال لما يتمتعون به من صفاء، وحسن استعداد للتعليم والتربية، ولاسيما من يلمس فيه النبوغ والذكاء، حتى يرتقوا بأنفسهم ويقدموا النفع لأمتهم. كما تجب صيانتهم من أسباب الغواية والضلال لسرعة تقبلهم، وسهولة التأثير عليهم.
6- خطر دعاة الضلالة على الناس، وسعيهم في نشر الفساد بينهم، كما تجلى ذلك في حرص الساحر على بقاء علمه، مع ما في السحر من المحادة لأمر الله تعالى، والشر والضرر على الناس.
7- رحمة الله تعالى بعباده، حيث هيأ للغلام ذلك الراهب المؤمن، الذي كان على الدين الصحيح في ذلك الوقت – دين عيسى عليه السلام غير المحرف – فتعلم من الدين الحق، وسلم من فتنة الساحر وغوايته.
8- إثبات كرامة الأولياء، وهي الخوارق التي يؤيد الله تعالى بها عباده الصالحين المتمسكين بالحق.
9- مشروعية السعي في مصالح الناس، وإزالة ما يضرهم، وإبعاد الأذى من طريقهم، وقد عد النبي - صلى الله عليه وسلم- ذلك من شعب الإيمان.
10- لزوم توجيه الناس إلى خالقهم، وأن يغرس في نفوسهم أن النفع والضر هو بيد الله تعالى وحده دون من سواه، فلا يجوز أن تتعلق القلوب بغيره، ولذا لما سأل جليس الملك الأعمى الغلامَ أن يشفيه، قال الغلام: ( إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ, فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ)، فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ.
11- تواضع العالم لتلميذه، وثناؤه عليه إذا استحق ذلك، ولكن بالقدر المناسب الذي يحفزه على النشاط في أمره، ولا يوقعه في الاغترار بما هو عليه.
12- اقتضت سنة الله تعالى في عباده أن يبتليهم ويمتحنهم ليتميز الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، قال الله تعالى:{ ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}(2).
13- صدق الالتجاء إلى الله تعالى، بدعائه، والثقة بالإجابة، وذلك عندما قال الغلام: (( اللهم اكفنيهم بما شئت )) فاستجاب الله له، ونجاه منهم.
14- الإصرار على الدعوة، والحرص على إظهار الحق، وتبليغه للناس، ومقاومة الباطل.
15- أن الحق ينتصر ويعلو، ويعتنقه الناس إذا اجتهد الداعون إليه في بيانه، وضحوا في سبيله.
16- أن من صور النصر العظيمة انتصار الإيمان، بالثبات عليه، والموت في سبيله؛ لأن العاقبة هي الفوز برضاء الله تعالى وجنته.
17- تثبيت الله تعالى للمؤمنين، كما جرى للمرأة التي أرادت أن ترجع فأنطق الله تعالى صبيها، وقال: اصبري يا أماه، فإنك على الحق.